عبداللطيف بن موسى البحر (1835-1920م)

 

 

هو جد ما تبقى من عائلة البحر الأسلمية الشمرية اليوم والمتواجدين في الكويت والزلفي والرياض. وُلِدَ عبداللطيف بن موسى بن أحمد البحر في الزلفي في حوالي عام 1835م (1250هـ) تقريباً، وكنيته "أبو فهد". وكان قدومه للكويت حيث يستقر أبوه موسى وأخوه الأكبر عبدالله في عام 1862م (1278هـ)، حيث سبقاه بالاستقرار في الكويت منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي وسكنا في حي (الوِسِطْ) بالقرب من مسجد العبدالجليل (هدم في الستينيات) في المنطقة القريبة من تل بهيتة، أما عبداللطيف فسكن في فريج الصيهد (فريج المهارة) في حي القبلة بمدينة الكويت. وقد أمضى عبداللطيف حياته في التنقل ما بين الكويت والزلفي بغرض التجارة، فكان له زوجات وأولاد وبيوت وأملاك في كلتا البلدتين.

 

كان عبداللطيف بن موسى البحر رجلًا عصامياً بمعنى الكلمة، فتجارته لم تقتصر على مجال معين بل شملت مجالات متنوعة، فقد تاجر بالإبل، و دخل في تجارة الأقمشة، وفي بيع الأراضي والبيوت، وفي تجارة المواد الغذائية من مستلزمات الحياة حينها كالتمور والسكر و الأرز وغيرها. وفي الزلفي كان يحرص على الإشراف على أملاكه الزراعية في زومة شرق قرية الأثلة. والمُطَّلِع على الوثائق الخاصة بعبداللطيف البحر يلاحظ أنه كان يقوم بكل هذه الأعمال والأنشطة التجارية في نفس الفترة أي أنه لم يكن يتاجر في مجال معين ثم يستبدله بالدخول في مجال آخر. وهذا يدل على قوة عزيمته وعلى اجتهاده اللذان ظل عليهما طوال عمره. فتجد عبداللطيف البحر طوال السنة يتاجر ويبيع ويشتري بين الكويت والزلفي وما يجاورها من مناطق قريبة مثل الغاط والقصيم، وقد استمر على ذلك الحال حتى وفاته رحمه الله.

 

كان لعبداللطيف البحر بيتاً في الأثلة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من الزلفي بالإضافة إلى بيته في مدينة الزلفي. أما مُلكه من نخيل وزراعة وفلاحة فكان في زومة (والتي عرفت باسم المعرمشية قديماً) الواقعة شرق الأثلة. كان عبداللطيف البحر يشرف على أعمال فلاحة أرضه والتي كان يُزْرَع فيها التمر والحنطة والخضراوات، فيستعمل بعضها للاستهلاك الشخصي ويبيع الجزء الآخر. ومن أعمال الخير التي قام بها عبداللطيف البحر بنخيله في زومة أنه أوقف نخلتين يفطر من تمرهما الناس في كل ليلة من ليالي رمضان في مسجد العليوية في الزلفي. كما أوصى بثلث تمر نخيله أن يُنفق في أعمال الخير وفي إطعام الفقراء والمحتاجين.

 

ومن الخصال الحسنة والطيبة لدى عبداللطيف البحر رحمه الله أنه كان يقرض المال للمحتاج ويتنازل عن حقه في المال للمعسر منهم، ومن أجمل ما رُوِيَ عنه رحمه الله أنه وعند كبر سنه أتى بكل الأوراق التي تثبت حقوقه من أموال على من كان له دَيْن عليه في الكويت وحرقها، فتعجب أبناءه من فعله، فقال لهم:" إني أخاف أنه إذا توفاني الله أن تتنازعون مع الناس طلباً في هذه الأموال". فكان رحمه الله حريصاً على حسن العلاقة والسمعة الطيبة مع الناس.

 

ومن صفات عبداللطيف بن موسى البحر المعروفة عنه الشجاعة وقوة البنية، وقد خاض عبداللطيف العديد من معارك الكويت في حياته في عهد الشيخ مبارك الصباح وحتى آخر معاركه التي خاضها في عهد الشيخ سالم الصباح حين شارك في معركة حَمَضْ عام 1920م (1338 هـ) والتي استُشهِد - بإذن الله - فيها بعد مشاركته في محاولة صد هجوم الإخوان على أراضي الكويت، وترتب على إثرها بناء سور الكويت الثالث و وقوع معركة أخرى وهي معركة الجهراء.

 

كان لعبداللطيف البحر حوطة على امتداد ما كان يعرف بفريج الزنطة في حي القبلة (جبلة) في مدينة الكويت، واقتطع عبداللطيف البحر الأراضي من حوطته وباعها لعدد من أهالي جبلة، وكان بيته هو الجزء المتبقي من حوطته. وكما ورد في "الموسوعة الكويتية المختصرة” لحمد السعيدان أن اسم الزنطة أطلق على الفريج لوجود بئر ماء حفره ناصر ومحمد البسام كان عذباً ثم تغير وأصبح مالحاً يزنط ( أي يخنق) من يشربه لشدة ملوحته. والفريج الذي يقع فيه بيت عبداللطيف البحر بات يعرف بعد ذلك بفريج الصيهد (أو فريج المهارة). وموقع بيته اليوم بالقرب من مبنى الخطوط الجوية الكويتية في مدينة الكويت في الجهة الغربية من مسجد بن حِمْد، وبعد وفاته عام 1920م استدخل هذا البيت ابنه مزعل من الورثة، وتم هذا البيت بملكية مزعل بن عبداللطيف البحر حتى عام 1956م حين باعه على التاجر عبدالمحسن المطير.